اتصالات وتكنولوجيا

تبني تقنيات الرقمنة على نطاق واسع ينقل دول مجلس التعاون الخليجي إلى مصافِ القوى العظمى
في قطاع الخدمات اللوجستية

كشف تقرير صادر مؤخرًا عن ستراتيجي& الشرق الأوسط – وهي جزء من شبكة برايس ووتر هاوس كوبرز، أن دول مجلس التعاون الخليجي بإمكانها تبوء مكانة بارزة على الساحة اللوجستية العالمية من خلال اتباع منهجية “الرقمنة أولًا” (Digital-First)، بما يسهم في تحويل المنطقة من “مُـستخدم” للتقنية إلى “مُـبتكِـرٍ” للتقنيات الثورية الحديثة.
وتحتل دولة الإمارات العربية المتحدة حاليًا المرتبة الحادية عشرة على مؤشر البنك الدولي للأداء اللوجستي، متصدرةً بذلك قائمة الدول الخليجية. ويشير التقرير الصادر مؤخرًا عن ستراتيجي& الشرق الأوسط تحت عنوان: “تحديث الخدمات اللوجستية في مجلس التعاون الخليجي من خلال الرقمنة”، أنّ بناء قطاع خدمات لوجستية يتسم بالفعالية والكفاءة هو أمر محوري لدعم برامج التنويع الاقتصادي لحكومات المنطقة.
إضافةً لذلك، ينوه التقرير إلى تأخر دول المنطقة عن نظرائها العالميين في هذا المجال بسبب مجموعة من التحديات الموزعة على ثلاثة محاور رئيسية وهي: الحاجة إلى بنية تحتية حديثة ومتكاملة، وتعزيز الخدمات المقدمة، والاستعانة بعمليات وإجراءات تواكب المعايير العالمية المعتمدة.
وفي هذا الصدد، عـلّـق أليساندرو بورجونيا – الشريك في ستراتيجي& الشرق الأوسط – قائلًا: “تمـرُ دول مجلس التعاون الخليجي بمرحلةٍ مفصليةٍ في تاريخها، وهي تبذل جهوداً حقيقية لتحويل نظمها الاقتصادية وتمكين النموّ والتنافسيةـ ولتحقيق ذلك، لابد لها بداية من استحداث منظومة لوجستية رقمية وفعّالة مدعومة بإطار تنظيمي يتسم بالشفافية والابتكار”.
وعلى الرغم من حالة التباطؤ التي شهدها العالم مؤخرًا جـرّاء تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، إلا أن سوق النقل والخدمات اللوجستية العالمي مُـهيأ لتسجيل نمو قوي من المتوقع أن تصل قيمته إلى 12,8 تريليون دولار أمريكي تقريبًا في عام 2025 مقابل 8 تريليون دولار في العام 2020.
وفي سياقٍ متصلٍ، عـلّـق هارون شيخ – الشريك في ستراتيجي& الشرق الأوسط – قائلًا: “يعـدُّ قطاع الخدمات اللوجستية بمثابة ركيزة محورية للنظم الاقتصادية المحلية والإقليمية والعالمية نظرًا لدوره الهام في دعم سلاسل التوريد وتيسير حركة التجارة العالمية، وبالتالي فإنه يحظى بأهمية قصوى لمنشآت الأعمال والأفراد على امتداد جميع القطاعات”.
وتعمل حكومات دول مجلس التعاون الخليجي على تنفيذ خططٍ طموحةٍ بغية تعديل قاعدتها الاقتصادية والتحول نحو الاستدامة والاستفادة من موقعها الاستراتيجي المتميز كمركز للتجارة العالمية، كما تسعى لتعزيز مستويات التوطين في عدة مجالات ومنها الأدوية والأجهزة والمعدات الطبية والألومنيوم والسلع الاستهلاكية، وهو أمر ممكن تحقيقه شريطة أن تبذل هذه الدول جهوداً متضافرة لتحديث ورقمنة قطاع الخدمات اللوجستية لديها.
وبحسب التقرير، تستطيع دول المنطقة اتخاذ سلسلة من التدابير التي تمكنها من تحقيق الريادة في قطاع الخدمات اللوجستية التجارية عالميًا، وذلك من خلال ما يلي:
دمج الرقمنة كمكون أساسي في عملية صنع السياسات
من الأهمية بمكان تحقيق التكامل بين محوري الرقمنة وصنع السياسات لبناء منهجية “الرقمنة أولًا” في قطاع الخدمات اللوجستية. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى تجربة بعض الحكومات حول العالم التي اعتمدت منهجية لصنع السياسات تقوم على الاستفادة من تحليل البيانات، وذلك من خلال بناء “مصدر موحد للمعلومات والبيانات الموثوقة” (Single Source of Truth) يحقق التكامل بين البيانات ونقاط العمليات بدمجها في منظومة واحدة. ومع توافر المستوى الكافي من البيانات التجارية، يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي تحديد فرص العمل الجديدة عن طريق رصد التدفقات اللوجستية التي تتجاوز المنطقة حاليًا ولكنها عادةً ما تمر من خلال المراكز اللوجستية الناشئة. كما يمكن لها اتخاذ تدابير استباقية لرصد وتقليل أية حالات لاعتماد سلسة التوريد والتجارة على نظم اقتصادية أو مناطق بعينها.

إحلال الإجراءات اللوجستية القديمة بأخرى رقمية حديثة
يسهم العمل على رقمنة وأتمتة الإجراءات على مستوى قطاع الخدمات اللوجستية في تعزيز مستويات الكفاءة، وهو ما عمدت إليه أبرز هيئات الموانئ والجمارك في دول العالم حيث استعانت بالقدرات الرقمية لتقديم خدمات لوجستية شاملة ومتكاملة.

تيسير الخدمات اللوجستية من خلال الرقمنة في ظل بيئات عمل داعمة
يمكن في هذا الإطار الاستفادة من تجارب الدول الأخرى التي تعمل على تحديث وتيسير خدماتها اللوجستية من خلال الرقمنة، ومنها تجارب الشركات الجديدة في سوق الخدمات اللوجستية والتي نجحت في استحداث نماذج عمل تتسم بالابتكار والأتمتة الكاملة ، وتجارب الشركات القائمة في ابتكار وإصلاح نماذجها من خلال رقمنة منشآتها (كما هو الحال في مجموعة البريد الألمانية دي إتش إل التي قامت بتطبيق تقنيات انترنت الأشياء [IOT] وشبكة الأجهزة المتصلة في مستودعاتها من خلال الاستعانة بالأجهزة الذكية والعمليات المؤتمتة مثل الفرز والتصنيف)، واستخدام تقنية البلوك تشين ، واختبار التقنيات الجديدة عن طريق حاضنات التقنية ومختبرات البحث والتطوير. ويمكن لدول مجلس التعاون الخليجي تسريع وتيرة الابتكار على مستوى سلسلة القيمة من خلال تأسيس الشركات اللوجستية الناشئة وتعزيز الدعم المقدم لها، فضلًا عن إتاحة الوصول لرأس المال، وتأسيس الحاضنات بالتعاون مع القطاع الخاص، وضخ الاستثمارات الاستراتيجية في البحث والتطوير.

تمكين الرقمنة لموانئ العبور
ثمة ضرورة ملحة لأن تعمل الهيئات المعنية بإدارة وتشغيل موانئ العبور على رقمنة العمليات لتقليص أوجه القصور، وتحسين الشفافية، وخفض التكاليف اللوجستية، وتعزيز تنافسيتها عالميًا.
وختامًا عـلّـقت مها رعد – المديرة الأولى في ستراتيجي& الشرق الأوسط – قائلة: “تضطلع حكومات مجلس التعاون الخليجي بدورٍ محوريّ في صياغة وتنفيذ التحول اللوجستي الشامل، ويمكنها من خلال دمج الرقمنة في عملية صنع السياسات ضمان التطبيق الفعلي لمنهجية “الرقمنة أولًا”، وقدرتها على معالجة التحديات اللوجستية، وضمان تنافسيتها عالميًا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى